السبت، 29 نوفمبر 2008

أعود....




أعودُ فارغةً إلا من يديّ
تحملانِ في مستقبلِهما
نبوءة البعثِ المحاصرِ باللعنةِ...
الذهابِ بجذوةِ النارِ حدَ الحريقْ...
تحملني الصرخةُ
الظل الذي خلّفني وردةً
في بداية جنونها...
أعود لدربي المشدود كرغبة بدفع جدار المستحيل
كالمحو لا يحمل ملامح الحروف
ولا تشّكل أوردة الدمع في فضاء الألم
هناك حيث أكبرُ
قطرة ماء سرقتها يدُ سحابة
أطالع الوديان المأسورة باللهاث
أطالع روحي الغريبة
أطالع بداية الخلق في أناملي
أطالع الندى يورق...يكبر حد الفطام
يعود إلى جذعي ليدفن رأسه في ترابي الصامت
أتسلق أفق الكائنات
هوية حبات الرمل في ولادتها الأولى...
أختبئ في وجه الصبار
لأعرف ما معنى أن تولد في وجهك الشوك
الألم يتناسل من روحك وكفيك ؟!
ما معنى أن تحترق الروح
والماء يبلل جبهة القلب ؟؟؟!
آه يا .......أناي
لماذا عليّ أن أسأل عنك آلاف الدروب التي أمشيها وحدي ؟؟
كلما قفز ظلي أمامي أجزع ،
أبحث عن صدر يؤويني
لكن الحياة تنثرني.... تبعثني
حتى لا يهوي الرأس قبل آوانه
- سأموت في الغد !!
هكذا سأقول لك ثم أموت
لن تردني أصابعك ولا ضحكتك التي بت أعشقها
لن يردني صدى الكلمات الغابرة
الكلمات المسجاة في توابيت الذكريات
ودهاليز البريد
كلمات ترتدي معاطفها كل مساء
لتطوف على الذكريات
تنثر عليها بعضا من شذاك
وتعود لتتدثر بالموت...
لن يردني شيء إلى مساءات الجنون الدافئ
سأحمل زادي القديم وأعرّي رسائلي من الحرائق
من الوجوه العابرة
سأكف عن التعب
أوثق روحي إلى دربي الذي يقصر
كفراشة سأضم إليّ أسئلتي
وأعود إلى أفقي البعيد
روحي لا تحتمل السكون،
ولا الوجوه المستحيلة
الصراخ بعثرني على الطرقات
أصبح لليل آلاف الأقدام
التي تسعى ما بين صوتك وروحي
فيغور الماء...يغور
عبر جنوني الطارئ على بوابة انقضاء العمر
الأعوام تسلقتني كأديم
رسمت عرائشَ على صوتي وطيوراً يتيمة
ومالت للغياب...
أيتها المرأة التي تطرق بابي
كلما ركنت لطفولتي
كلما صرخت
لا تتركني للدروب التائهة
تزرعني بالشوك
بالخطوات العجولة
بالأمس نسيت وجهي
معلقا على بابه
فسرقتني الشمس
شقّقت ملامحي
انتزعت عينيّ
رمت بهما بعيدا
بترت بعضا من رؤاي
نبذتني
فتناثرتُ وحبات التراب ..

تعربش هذا المساء على سفح جنوني
ليطالعني
هنا غبت في ثنايا النبض
هناك أجلسني كشاهدة قبر
ومضى يرتل عليّ وصيتي
عبر هذا الباب كنت أعبر إلى معطفه بحثا عن حريق
وعند النافذة كنت أنتظر...
نمت دون غطاء
تأجج الجنون فيّ
لم أكن أعرف ملامح النسيم المصادر
والأصدقاء الميتون
كانوا في الجوار يتلون طقوس الخيبة
وأنا كنت أنسج حلماً
لا يخطئه الزمان المترهل كسراب يجمع ذاته ليصفعني ويمضي...
يا كفي التي حملت الخطيئة ومضت
اسندي جذعي للجدار وانسحبي
اتركي للقدم بعضاً من رجاء
تعالي أيتها الدمعة لنفلق البحر
لنصل أوردة الجبال التي انصهرت في روحينا
لنعتكف في صلاة مجوسية
علّنا نصاب بالحريق
تعالي لنصلي كلما نهض الصبح
تعبت من الشوارع التي تسرق روحي
وتمضي
تنتعلني
ترسمني سحابة
تضعني في أول الميلاد
فينقضي العمر كالكذبة...

هذه أنا
لست أحمل اسمي، وجعي، جنوني، بقاياي...
هذه أنا خالية من المساء الذي بعثك فيّ
خاوية من الضحكة التي تناغي القلب
عاريةً من القصيدة التي تحملني وتمضي
لتعلو موسيقى لا تشبه الوجود
ولأعلو في وطأة البعث الآدمي من ثناياي
هل تذكر؟؟؟
أنا الآن لا أشبهني....
يتسلقني الموت البطئ
يجردني من جنوني
من صوتي المبتل بالصراخ والزهور
يعلقني على باب الغياب ... ويمضي

هناك تعليقان (2):

أحمد الخطيب يقول...

أعود....فُرُش من إستبرق، وأرائك من غيوم، تستظلُّ بأفيائها الذات، حينما تقترب من ذاتها، مُركبٌ جوّاني يحتفي ببرمائية اللغة، ويحتفي بالحياة رغم القلق والألم،أو كما يرى المتنبي: كأنّ الريح تحتي، أو كما أرى: صرعى هي الأيامُ لولا شقاؤها، فثمّة توازن بين الشقاء والصفاء،وإذا ما اختلطا كان الشفاء.

عائدة النوباني يقول...

الشاعر أحمد نمر الخطيب الذي أعتز به قارئا يترك خطواته المنيرة هنا
ودائما اقول قارئ واحد يكفي فإذا كان بهذا الصفاء كانت قدرة الكلمة على الاحتفاءبوجودها في ذهن القارئ جميلة وجميلة جدا